من ماذا يتكون الانسان؟
صفحة 1 من اصل 1
من ماذا يتكون الانسان؟
من ماذا يتكون الانسان؟
لقد نشأ إِلتباس في فكر ألآباء سابقاَ , وكُلَّ أللاهوتيين, ورجال الدين وألمؤمنين ألملتزمين بالكتاب ألمقدس, بسبب تمسك كل الاباء واللاهوتيين على ما يبدو ظاهريا بمبدأ إِنَّ كُلَّ الكتاب موحى به من قبل الروح القدس , وكذلك بحسب كلام القديس بطرس في:
2بطرس(1-21): لأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ.
ورسالة القديس بولس ألتي فيها يقول:
2تيموتاوس(3-16): كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرّ.
وعليهِ وبما أنَّ كُلَّ الكتاب موحى به , فكلام القديس بولس في الاية:
تسالونيكي(5-23): وَإِلهُ السَّلاَمِ نَفْسُهُ يُقَدِّسُكُمْ بِالتَّمَامِ. وَلْتُحْفَظْ رُوحُكُمْ وَنَفْسُكُمْ وَجَسَدُكُمْ كَامِلَةً بِلاَ لَوْمٍ عِنْدَ مَجِيءِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ.
أيضا موحى بها, فلذا يجب قبولها بالرغم من تعارضها مع تعاليم الكتاب ألمقدس في سفرالتكوين:
التكوين (2-7): ثُمَّ جَبَلَ الرَّبُّ الإِلَهُ آدَمَ مِنْ تُرَابِ الأَرْضِ وَنَفَخَ فِي أَنْفِهِ نَسَمَةَ حَيَاةٍ ، فَصَارَ آدَمُ نَفْساً حَيَّةً. (8) وَأَقَامَ الرَّبُّ الإِلَهُ جَنَّةً فِي شَرْقِيِّ عَدْنٍ وَوَضَعَ فِيهَا آدَمَ الَّذِي جَبَلَهُ.
فتمسك كلَّ ألآباء وأللأهوتيين وألمؤمنين بألآية أعلاه للقديس بولس, فكيف سترد هذهِ ألاية على لسان القديس بولس في رسالتِهِ إلى أهل تسالونيكي إِنْ لم تَكُنْ قد أُوحى بها؟ بألرغم من إِنَّ ألآباء واللاهوتيين والمؤمنين لَمِسوا ألإختلاف والتعارض الجوهري بين ما تقوله هذهِ ألآية مع أية وتعاليم ووحي ألله ذاته إلى النبي موسى وقت كتابة أية سفر التكوين(2-7), وبالرغم من عودة القديس بولس إلى نص تفكيرهُ أللاهوتي الفريسي وتمسكهُ بنص أية سفر التكوين(2-7) الموحى بها للنبي موسى, كما في الآية:
1كورنتس(6-20): لأَنَّكُمْ قَدِ اشْتُرِيتُمْ بِثَمَنٍ. فَمَجِّدُوا اللهَ فِي أَجْسَادِكُمْ وَفِي أَرْوَاحِكُمُ الَّتِي هِيَ للهِ.
فكما تُلاحظون فالقديس بولس في ألاية أعلاه إلى أهل كورنتس, عاد إلى أصل إيمانه الفريسي الراسخ فيه مِنْ أَنَّ الإنسان يتكون من جسد وروح فقط, بحسبِ تعاليم الكتاب والوحي ألذي ألهمهُ ألله إلى النبي موسى وقت كتابة سفر التكوين.
لكن هنا ولتمسك الاباء واللاهوتيين والمؤمنين بأنَّ كُلَّ الكتاب موحى بهِ, وبالرغم من وجود هذا الإختلاف والتعارض في كلام القديس بولس, ذهبَ الاباء واللاهوتيين والمؤمنين يوفقون بين الحالتين المُتناقضتين, فبدأ مبدأ تكوين الانسان من ثلاثة مُكونات ( ألجسد + ألنفس + الروح ) يكون من ألمُسلمات أللاهوتية في تفكير الاباء واللاهوتيين في المجامع الكنسية, ورؤساء الايمان ألكنسي ومُعظم ألمؤمنين الدارسين للكتاب ألمُقدس, فلا يُمكن أَنْ يكون هناك إِلهام ووحي وإختلاف وتناقض في نفس الوقت, فألله ألروح القدس ألمُتكلم في الرسل وألأنبياء هو ذاته ولا يمكن أن يُناقض وحيهُ إلى الرُسل والانبياء, فالله هو هو لا يتغير ولا يتبدل وحاشاه من التناقض. وعليهِ أصبح هذا التناقض من ألمسلمات اللاهوتية بالرغم من إِنَّ كُلَّ ألاباء واللاهوتيين وآباء الكنيسة والإيمان والمؤمنين يؤمنون بأَنَّ الفكر ألإفلاطوني لتكوين الانسان غير صحيح ويتَناقض مع تعاليم ووحي الكتاب ألمقدس, فأصبحت إِزدواجية ألتفكير والكلام والمُسلمات الايمانية سائدة فتارة يقولون بهذا وتارة يقولون النقيض وكأنّهُم أصبحوا مزدوجي التفكير والشخصية, فبالرغم من قساوة هذا الكلام لكن إعذرونا, فماذا نُسمي هذهِ الاقوال:
أولا: قال إفلاطون إِنَّ ألإنسان يتكون من = جسَد + نفس + روح
فيرفض الاباء واللاهوتيين والمجامع الكنسية هذا التقسيم ويقولون هذا خطأ ويُعارض الكتاب المقدس والوحي.
ثانيا: ومن ثُمَّ يسردون كلام القديس بولس في الاية " تسالونيكي(5-23): وَإِلهُ السَّلاَمِ نَفْسُهُ يُقَدِّسُكُمْ بِالتَّمَامِ. وَلْتُحْفَظْ رُوحُكُمْ وَنَفْسُكُمْ وَجَسَدُكُمْ كَامِلَةً بِلاَ لَوْمٍ عِنْدَ مَجِيءِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ." ويؤيدونه ويوافقون عليه بإعتباره من المسلمات الموحى بها, وهي تقول بالنص نفس كلام أفلاطون, اي:
يتكون الانسان من = جسَد + نفس + روح
فأليس هذا الكلام للقديس بولس هو تطابق تام مع التفكير الافلاطوني لتقسيم وتكوين الانسان؟
فكيف يرفض الاباء واللاهوتيون والمؤمنون التقسيم والتكوين الافلاطوني للإنسان عندما يقول به إفلاطون, ويقبلون بنفس التقسيم والتكوين عندما يتكلم به او يقوله القديس بولس, ويعتبرونه كلاما موحى به من قبل الروح القدس؟ اليسَ هذا إزدواجية وتناقض في التفكير والقبول؟ فإما هذا التقسيم مرفوض ولا يهم من قاله, إنْ كان قائله إفلاطون أو القديس بولس! أو يكون مقبول لكلاهما, فلا يُمكن أن نقول هو تقسيم خاطيء عندما يقوله إِفلاطون , ثُمَّ نعود ونقبل به بإعتباره صحيح ومقبول لانَّ القديس بولس قد أورده في سياق كلماته في رسالته إلى أهل تسالونيكي!
صحيح وايضا من البديهي ومن ألمسلمات الايمانية القول بأنَّ كُلَّ الكتاب موحى بهِ من قبلِ الروح ألقدس, وتكلم الانبياء والرسل ورجال الله الصالحين منساقين بالروح القدس, لكن يجب أنْ نُفَرِقْ بين الكلام الموحى به من الله الروح القدس, وبين إستراتيجية وطريقة تبشير القديس بولس لايصال ألإيمان لسامعيه وهو نفسهُ قد قال وصرح بطريقة تبشيره ونشر الإيمان والكلمة:
1كورنتس(9-19): فَإِنِّي إِذْ كُنْتُ حُرًّا مِنَ الْجَمِيعِ، اسْتَعْبَدْتُ نَفْسِي لِلْجَمِيعِ لأَرْبَحَ الأَكْثَرِينَ. (20) فَصِرْتُ لِلْيَهُودِ كَيَهُودِيٍّ لأَرْبَحَ الْيَهُودَ. وَلِلَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ كَأَنِّي تَحْتَ النَّامُوسِ لأَرْبَحَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ. (21) وَلِلَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ كَأَنِّي بِلاَ نَامُوسٍ مَعَ أَنِّي لَسْتُ بِلاَ نَامُوسٍ ِللهِ، بَلْ تَحْتَ نَامُوسٍ لِلْمَسِيحِ لأَرْبَحَ الَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ (22) صِرْتُ لِلضُّعَفَاءِ كَضَعِيفٍ لأَرْبَحَ الضُّعَفَاءَ. صِرْتُ لِلْكُلِّ كُلَّ شَيْءٍ، لأُخَلِّصَ عَلَى كُلِّ حَال قَوْمًا. (23) وَهذَا أَنَا أَفْعَلُهُ لأَجْلِ الإِنْجِيلِ، لأَكُونَ شَرِيكًا فِيهِ.
فهو أي القديس بولس إستعمل طرق مختلفة لايصال الايمان لمختلف الشعوب, كُلُّ شعبِ بحسب ثقافته وتكوينه, فهو يُخاطب تارة اهل أَثينا قائلا:
اعمال الرسل(17-22): فَوَقَفَ بُولُسُ فِي وَسْطِ أَرِيُوسَ بَاغُوسَ وَقَالَ:«أَيُّهَا الرِّجَالُ الأَثِينِوِيُّونَ! أَرَاكُمْ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَأَنَّكُمْ مُتَدَيِّنُونَ كَثِيرًا، (23) لأَنَّنِي بَيْنَمَا كُنْتُ أَجْتَازُ وَأَنْظُرُ إِلَى مَعْبُودَاتِكُمْ، وَجَدْتُ أَيْضًا مَذْبَحًا مَكْتُوبًا عَلَيْهِ:" لإِلهٍ مَجْهُول ". فَالَّذِي تَتَّقُونَهُ وَأَنْتُمْ تَجْهَلُونَهُ، هذَا أَنَا أُنَادِي لَكُمْ بِهِ. (24) الإِلهُ الَّذِي خَلَقَ الْعَالَمَ وَكُلَّ مَا فِيهِ، هذَا، إِذْ هُوَ رَبُّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، لاَ يَسْكُنُ فِي هَيَاكِلَ مَصْنُوعَةٍ بِالأَيَادِي،
فالاثينيون كانوا يعبدون عدة آلهة فإختار بولس طريقة توجيههم إلى الله الحي, عن طريق الاله المجهول الذي كانوا يعبدونه! فهل إله ألأثينيين ألمجهول هو من خلق العالم؟ وهل يمكن أن نقول إنَّ القديس بولس قال إنَّ إِله الاثينيين المجهول هو من خلق الكون؟ وإِنَّ بولس كان موافقا على عبادة بقية الهة الأثينيين او إلاههم المجهول؟ طبعا لا! وهل كلامه إليهم موحى به من الروح القدس؟ أم إِنًّ بولس اراد فقط ان يوصل عبادة الله الحي اليهم عن طريق الطريق الاسهل على فهمهم وإسلوب تفكيرهم وإِدراكهم, فتكلم معهم عن إلاههم المجهول ليوصل الايمان إليهم!
وكذلك بالنسبة لاهل تسالونيكي ، فتسالونيكي كانت عاصمة إحدى مقاطعات مكدونية باليونان، وكان اسمها أولاً ثرما Therma، وكان أهلها متأثرين بالفلسفة الافلاطونية اليونانية القائلة بأنَّ الانسان يتكون من جسد ونفس وروح , فعند مخاطبة القديس بولس اهل كورنتس, كان القديس بولس يحاول افهامهم الايمان الحقيقي بألطريقة التي هي سائدة في تفكيرهم هم, لا تفكيره وإيمانه هو, فهو بالاصل فريسي ويهودي ككل يهودي مثله ومثل بقية تلاميذ المسيح الذين كانوا يُعَلِمون ويؤمنون بأنَّ الانسان بحسب التوراة واية التكوين2-7 يتكون من = جسد وروح فقط لا غير.
وكذلك هناك كلام للقديس بولس:
1كورنتس(15-29): وَإِلاَّ فَمَاذَا يَصْنَعُ الَّذِينَ يَعْتَمِدُونَ مِنْ أَجْلِ الأَمْوَاتِ؟ إِنْ كَانَ الأَمْوَاتُ لاَ يَقُومُونَ الْبَتَّةَ، فَلِمَاذَا يَعْتَمِدُونَ مِنْ أَجْلِ الأَمْوَاتِ؟
فقد كان هناك من إعتمذ بدل اقربائه الاموات, لكن القديس بولس لم يقول بأنَّ هذا ممكن او غير ممكن, لكنَّهُ إستشهد بالفعل لاثبات حقيقة القيامة! ليوصل حقيقة قيامة الاموات اليهم, بحسبِ تفكيرهم هم! فهل صرح القديس بولس بمبدأ إِمكانية العماذ بدل الراقدين وقبول ألإيمان بدلاَ عنهم, فيتغير بذلك مصيرهم الابدي بفعل أقربائهم ألأحياء الباقين؟ فالقيامة حقيقة إيمانية حصلت مع الرب يسوع القائم من الاموات وهي حقيقة إيمانية موحى بها, وبولس يُكرزُ بها لسامعيه, لكن هل إِمكانية العماذ بدل الراقدين, أيضا حقيقة إيمانية موحى بها؟ طبعا لا ! فهل القديس بولس يكرز بها بوحي من الروح القدس؟ طبعا لا والف لا.
ومما سهل هذا الخلط والازدواجية في قبول التكوين الافلاطوني الثلاثي للإنسان, هو قبول وتنافذ التفكير الإفلاطوني لانتشار الحضارة والافكار واللغة اليونانية في مختلف البلدان وبين مختلف الشعوب المتأثرة بالثقافة اليونانية السائدة في أيام القديس بولس والكنيسة الاولى, تماما كحالنا اليوم حيثُ يؤمن معظم المؤمنين المسيحيين في بلدان الشرق الاوسط بأنَّ كُلَّ شيء مكتوب ومُقدر على البشر من قِبَل الله, ولا حولَ ولا قوة للبشر بتغيير مصيرهم او إِختياراتهم متأثريين بالثقافة والتفكير الاسلامي السائد في بلدانهم, فهل هناك إيمانُ مسيحي بأنًّ كُلَّ شيء مكتوب على البشر, والبشر لا حول ولا قوة لهم لاتخاذ قراراتهم بأنفسهم؟ طبعا لا, فهم حُريّ الإختيار ومسوؤلين أمام الله عن إختيارهم ونتائجه, لكن هذا التفكير عند المؤمنين هو من تأثير بيئتهم عليهم, فهل نقبل به كإيمان مسيحي موحى بهِ إن قال به ألآباء في الكنيسة؟ طبعا لا والف الف لا!
فمما يتكون الانسان بحسب الإنجيل المقدس؟ نعم لقد ورد هذا في سفر التكوين بحسب الاية تكوين(2-7):
التكوين (2-7): ثُمَّ جَبَلَ الرَّبُّ الإِلَهُ آدَمَ مِنْ تُرَابِ الأَرْضِ وَنَفَخَ فِي أَنْفِهِ نَسَمَةَ حَيَاةٍ ، فَصَارَ آدَمُ نَفْساً حَيَّةً. (8) وَأَقَامَ الرَّبُّ الإِلَهُ جَنَّةً فِي شَرْقِيِّ عَدْنٍ وَوَضَعَ فِيهَا آدَمَ الَّذِي جَبَلَهُ.
فالآية واضحة, ولا تحتاج إلى توضيح او تفسير, فألإنسان مُكون بحسبِ خَلقِ ألله لهُ من: جسد + روح , والروح هي النسمة التي نفخها الله في جسد ألإنسان, ونقول عنها نفسا (اي روحا) ناطقة عاقلة, لأَنَّ ألله الذي نفخها أعطاها صفات النطق والعقل والخلود التي فيه.
هذا وقد نشأ ايضا الخلط في الاستعمال بين كلمة "النفس" و" الروح" :
فالروح, هي خالدة ولا تموتُ أبدا , وهي النسمة التي ينفخها الله في كُلِّ إنسان فتُحيّ الجسد ما دامت موجودة داخل هذا الجسد, وبتواجدها بداخل الجسد ينبض قلب الانسان وتدور وتتواصل الدورة الدموية فيه, ويبدأ الجسد بالتنفس (اي عمليتي الشهيق والزفير) فيتُمّ تزويد خلايا جسد واعضاء الانسان بمُقومات الحياة والنمو وبحسبِ ألآية أعلاه قال الرب, فأصبح آدم نفساَ حية, أي إنساناَ حيا, اي ذاتا او كينونةَ حية, أي كائن حيّ قائما بذاته. والروح هي التي ترى وتسمع وتحس وتُفكر (اي هي التي تفكر) وفيها أودع الله الضمير وناموس الوصايا, وهي لا تدخل او تتأثر بالزمن فهي خالدة خلود الخالق الذي صدرت منه.
أما النفس, فهي ألذات, وهي صفة وخواص تخص كُلَّ إنسان, فهي صفات وليست مكونات او أجزاء مكونة لتركيبة الانسان, وقد إِلتَبَسَ على البعض معناها فربطوها خطأَ بالتنفس (اي بعملية الشهيق والزفير) او قالوا عنها , هي النفس الحيوانية, وبهكذا قول شبهوا حياة الانسان بحياة الحيوان, بالرغم من تفصيل الكتاب خلق الانسان بطريقة منفردة ومخالفة لخلق الحيوانات والنباتات.
ولأنَّ عند خروج الروح ومُغادرتها الجسد تتوقف النفس والصِفاة التي تخص ألإنسان وتتلاشى, فلذا يتُم إُستعمال كلمة النفس أحيانا للدلالة على الروح وتواجدها, فبتواجد الروح داخل الجسد يحسُ ألإنسان بذاته وصفاته, وبخروج روحه ومُغادرتها لجسدهِ تزول وتتلاشى هذهِ الذات والصفات. وفي الكتاب المُقدس تُستعمل أحيانا كلمة النفس بدل الروح, وأحيانا بدل الذات, ولكن لمعرفة الفرق بألإستعمال وغرضه, يكون سهلا وذلك بإستبدال كلمة الذات بدل النفس, فإن عنت ذات الانسان بكامل جسده وروحه, أي كائنا متكاملا حيا, فهي الذات, وإلا فقد تم إستعمال كلمة النفس للدلالة على روح الانسان فقط.
أما القول في:
تكوين(4-10): فَقَالَ: مَاذَا فَعَلْتَ؟ صَوْتُ دَمِ أَخِيكَ صَارِخٌ إِلَيَّ مِنَ الأَرْضِ.
فالقول معناه, صوت دماء اخيك المسكوبة على الارض, فالذي عاد إلى مصدره ليمتثل أمامَ ألله شاكيا , هو روح هايبل, التي بتواجدها في جسد هابيل كانت سبب دوران دمائه في جسدهِ لإبقائهِ حيا.
وأما القول في:
اللاويين(17-14): لأَنَّ نَفْسَ كُلِّ جَسَدٍ دَمُهُ هُوَ بِنَفْسِهِ، فَقُلْتُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: لاَ تَأْكُلُوا دَمَ جَسَدٍ مَا، لأَنَّ نَفْسَ كُلِّ جَسَدٍ هِيَ دَمُهُ. كُلُّ مَنْ أَكَلَهُ يُقْطَعُ.
في أعلاه أُستُعملت كلمة النفس, بمعية كلمة الجسد, فقيل " نَفْسَ كُلِّ جَسَدٍ دَمُهُ" أو " نَفْسَ كُلِّ جَسَدٍ " اي حياة الجسد او مُقومات إِدامة الحياة للجسد , فالدم لم يُستعمل للدلالة على روح الانسان او الحيوان, لكن للدلالة على " مُقومات إِدامة الحياة لجسد الانسان او الحيوان" وهكذا تُرجِمت
(For it is the life of all flesh; the blood of it is for the life thereof )
اي للدلالة على " مُقومات إِدامة الحياة لجسد الانسان او الحيوان" ونحنُ نعلم بأَنَّ اول شرط لادامة الحياة وإستمرارية الدورة الدموية في الجسد وإِمدادهِ بمقومات إستمرارية الحياة, هو تواجد الروح في داخل الجسد, فالدم والنفس لا يعنيان الروح بل " مُقومات إِدامة الحياة "
وهناك إلتباسُ آخر, قد نشأ بفهم ماذا يحصل للمؤمنين المعمذين وحلول الروح القدس فيهم, فهنا لا يكون الروح القدس الحال بالمعمودية في المؤمن من مكملات او من أجزاء تكوين الانسان ككائن, فلا ننسى فعند خلقِ آدم وحواء كانا يتمتعان بالحياة الابدية, وقد خسراها بمعصيتهم, فماتا روحيا وجسديا, فالموت الجسدي يبقى ملازما للإنسان بالرغمِ من مغفرة خطاياه وحلولِ الروح القدسِ فيه بالمعمودية والايمان, وهذا التسمم الذي دخلَ في أجساد البشر متوارث من جيل لجيل بسبب تسمم المعصية وتناول الثمرة المحرمة, وهذا لن يزول او يتبدل إلا في وقتِ قيامة المؤمنين, عندما تعود أرواحهم لتدخُلَ في أجسادهم ألمُقامة من القبور والموت, فتحيا اولا ثُمَّ تتغير بعدَ ألقيامة إلى أَجساد روحانية سماوية غير قابلة للموت فيما بعد, فتنتفي إمكانية موتها ابديا, ولهذا يقول الكتاب " قد أُبْتُلِعَ ألموتَ في ألغلبة".
فحلول الروح القدس بالمعمودية والايمان يُعطي المؤمن الحياة الابدية وحق المشاركة في الحياة الابدية التي للإقنوم الثاني, فيكون هو في المسيح والمسيح فيه, فَيُقيمهُ في اليوم الأخير ويُحول جسده إلى جسد روحاني أبدي ممجد هو في الرب والربُ فيه, فيتأله بالرب , فبدلَ أن يبقى إِنسانا من لحمِ ودم لا يستطيع أن يرث الملكوت الابدي السماوي ألمُعد للمؤمنين, فيتم تحويله إلى أخِ لابن الإنسان ذات جسد وتكوين سماوي ممجد متأله بفاديه وخالقه , أي نكون نحنُ في الرب والربُ فينا إلى الابد. فلا موت ولا مرض ولا حزنُ ولا الم, وتكون كلَّ الأشياء السابقة قد تلاشت ومضت, فنسكن في سماءِ جديدة وارضا جديدة هي أورشليم السماوية حيثُ عرشُ الله والحمل فادينا ومُخلِصَنا ونكون معهُ إلى ابدِ ألآبدين.
ودُمتم بسلام الرب وبرعايته دائما.
أخوكم في الايمان والتبني
نوري كريم داؤد
23/ 11 / 2012
نوري كريم داؤد
23/ 11 / 2012
نوري كريم داؤد- عضو مميز
-
عدد الرسائل : 165
الديانة : مسيحي
السٌّمعَة : 1
نقاط : 431
تاريخ التسجيل : 10/07/2009
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى